(وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) بحيث تنبسط عليهم في رقّة وحنان ، كأنها تقترب إليهم لتمسح على رؤوسهم مسحة اللطف والعطف ، ولتضمّهم إلى أحضانها ، (وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) بحيث إنها تقدّم نفسها إليهم ليقطفوا من ثمارها وفاكهتها ، فلا تكلفهم مشقة الصعود إليها للحصول عليها. (وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا) أي أكواب زجاجية في صفاء الفضة ونقائها (قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً) بحيث تتناسب مع حاجتهم إليها ، فلا تزيد عن حجم الحاجة ولا تنقص عنها.
(وَيُسْقَوْنَ فِيها) أي في الجنة (كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً) وهو ـ كما في مجمع البيان ـ : «ضرب من القرفة طيب الطعم يحذو اللسان ، ويربى بالعسل ، ويستدفع به المضارّ ، وإذا مزج به الشراب فاق في الإلذاذ ، والعرب تستطيب الزنجبيل جدا» (١). فوعدهم الله بذلك في الجنة بما هو أطيب وألذّ ككل الأشياء الموجودة في الجنة ، ممّا لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. (عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً) والسلسبيل هو الشراب السهل اللذيذ الذي هو من هذه العين.
(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) يتحركون في خدمة هؤلاء الأبرار في الجنة بما يريدونه من الطعام والشراب ، في أجمل صورة ، (إِذا رَأَيْتَهُمْ) في إشراقة جمالهم ، وصفاء ألوانهم (حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) في الإشراق والصفاء والجمال النقيّ البديع ، (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَ) وإذا رأيت هناك ما أعده الله لعباده المتقين من النعيم (رَأَيْتَ نَعِيماً) عظيما (وَمُلْكاً كَبِيراً) لا حدّ لقدره ، ولا زوال له لأنه النعيم والملك الخالد.
(عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ) وهو الديباج الرقيق الفاخر الحسن ، كما قيل.
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ١٠ ، ص : ٦٢٠.