وربما كان الإنذار بالعذاب باعتبار ما يأتي بعد إرسال نوح إليهم وإبلاغهم رسالة الله ليؤمنوا بها ، لأنهم سيواجهون العذاب عند الانحراف عنها.
أمّا اختصاص رسالته بقومه ، فقد يكون بلحاظ أنهم القاعدة الأولى التي تتحرك في داخلها الرسالة ، كما ورد التعبير بذلك عن كثير من الأنبياء أولى العزم الذين قيل إن رسالتهم تتعدّى محيطهم.
* * *
النذير المبين
(قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) في ما أرادني الله أن أحذّركم من عقابه الذي ينزل على الجاحدين بربوبيته وتوحيده ، المنحرفين عن عبادته ، وذلك من خلال الحجة الواضحة التي لا غموض فيها ولا ضعف في دليلها ، (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) في ما تمثله العبادة من الخضوع لله في كل شيء بحيث تكون الحياة كلها في وجودكم العملي خاضعة له ، منقادة لإرادته ، (وَاتَّقُوهُ) في ما تمثله التقوى من الحالة العقلية التي تراقب الله كحقيقة تفرض نفسها على الجانب العقلي للإنسان ، ليكون ذلك أساسا للمراقبة المسؤولة التي تقود إلى السلوك المسؤول ، وفي ما تثيره من الحالة الشعورية التي تزحف إلى وجدان الإنسان وشعوره فتهزّ الإحساس بالخوف الشعوري من الله ومن عقابه ، حتى يتحوّل ذلك إلى موقف للطاعة في حركة الإنسان في الالتزام العملي.
(وَأَطِيعُونِ) باعتبار أنه الرسول القائد الذي يقود خطاهم إلى الخط المستقيم ، في ما يمكن أن يبلّغه من الأوامر والنواهي التي أراد الله له أن يبلغهم إيّاها ، وفي ما يمكن أن يحرّك أوضاعهم التفصيلية في مجال التطبيق