الصبر الجميل على التحديات
(فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) على كل الكلمات اللّامسؤولة التي يقصد بها التحدي وإيجاد البلبلة أمام الدعوة ، لإثارة الاهتزاز في مواقف الرسول والرساليين عند ما يقودهم جمود الناس من حولهم إلى الإحباط ، مما يجعل من الأمر بالصبر الجميل الذي يمثل الموقف الثابت المتمرد على الآلام من موقع الوعي ضرورة حيّة من ضرورات نجاح الرسالة في الوصول إلى قناعات الناس في نهاية المطاف ، لأن طبيعة الواقع المتحجر الذي تضافرت على تكوينه ظروف معقدة وأجيال متعاقبة ، جعل من تفجير هذا التحجّر وتذويبه وترويضه مهمّة صعبة للرسل وللدعاة. ولا بد لهم ـ من أجل تحقيق النتائج الحاسمة لمصلحة الرسالة ـ من سعة الصدور ورحابة الأفق والرضى بقضاء الله والالتذاذ بالآلام ، والوعي العميق لكل الأفكار والشكوك والهواجس التي يثيرها الكافرون والمشككون والمعقّدون ، ليقفوا أمامها ويناقشوها بالمنطق العقلي أو بالأسلوب العاطفي ، وبالوسائل النفسية المرنة ، للتغلب على كل الصعوبات الواقعية ، حتى يأذن الله بالوصول إلى الهدف الكبير ، وهو انتصار الرسالة ودخول الناس في دين الله أفواجا.
إن مهمّة الرسول هي أن يؤدي رسالة الله ، مما يفرض عليه أن يكون مزاجه مزاج الرسالة ، وعقله عقلها ، وموقفه بالمستوى الذي يكون في خدمة موقفها ، وما دام هدفه رضى الله ، فلا مشكلة عنده في التمرّد على آلام الذات وأحزان المشاعر.
* * *