يبلغ لذّتها شيء من فواكه الدنيا ، (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فهذا هو الجزاء الذي ينتظر العاملين على خط التقوى ، الذين ينفتحون على كل نعيم الله في رضوانه وألطافه ، (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) لأن الله هو الذي يجازي الإحسان العملي ، بالإحسان الأخروي في نعيم الجنة.
* * *
المكذّبون المجرمون لهم الويل والثبور
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) الذين كانوا يسخرون من الحديث عن الجنة وعن وعد الله للمتقين المحسنين بنعيمها في الدار الآخرة ... (كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) وإذا كان النداء الموجّه إلى المتقين بأن يأكلوا ويشربوا هنيئا ، فإن النداء الموجّه إلى المكذبين أن يأكلوا ويتمتعوا قليلا في الدنيا ليكون الموت عاقبة ذلك ، وليواجهوا العذاب الأليم من بعده ، (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) الذين يعيشون الغفلة عن المقارنة بين الدنيا في نعيمها الزائل وبين الآخرة في نعيمها الخالد.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) لأنهم تمرّدوا على الله في كبرياء الكفر الذي يمنعهم من الخضوع له في ما يمثله الركوع من ذلك (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) الذين عاشوا التكذيب العملي في سلوكهم والتزاماتهم وانتماءاتهم ، وعملوا على مواجهة المؤمنين بالفتنة عن دينهم بمختلف وسائل الضغط المعنوي والمادي ، وبالوقوف أمام انتشار الدعوة في العالم ، بما يضعونه من الحواجز أمام الناس التي تضيق عليهم حرية الفكر وحركة الحوار.
(فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) إذا لم يؤمنوا بهذا الحديث المملوء حكمة وخيرا وانفتاحا على كل حقائق الكون ، وعلى كل أسراره التي تفتح عقل