فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) [المجادلة : ١٣](١).
ونلاحظ أن الظاهر هو أن ذكر هذه التكاليف إلى جانب قراءة ما تيسر من القرآن للإيحاء بأنّه يدخل في عداد التكاليف العامة التي تتكامل في بناء شخصية الإنسان المسلم ، بما تشتمل عليه من عناصر متنوعة ذات صلة وثيقة به ، كما أن أهمية هذه التكاليف تجعل القرآن يكرر الحديث عنها ليوجّه الناس إليها بأدنى مناسبة لذكرها ، وليس في الآية إشعار بما ذكر ، أما آية النجوى فقد كانت دلالتها بلحاظ قوله تعالى : (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) ، الدالّة على أن عليهم أن يتابعوا الواجبات العامة ، ولا يتراجعوا عنها بعد رفع التصدق عنهم ، لأن الصلاة والزكاة ليستا من هذا القبيل ، والله العالم.
* * *
ثواب عمل الخير
(وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ) وهذا هو الخط الذي يريد الله أن يؤكده للناس الذين يبحثون عن النتائج الإيجابية الحاسمة في المصير الذي ينتظرونه في الآخرة ، فهناك عنوان كبير لا بدّ من أن يكون العنوان الذي تخضع له كل أعمال الإنسان وأقواله ، في ما يعبّر عن كل الخطوط الشرعية التي شرّعها الله لعباده في دينه ، فإذا سار الناس في حياتهم العامة والخاصة على هذا الخط تحت عنوان الخير ، فإنهم يقدّمون لأنفسهم خير الآخرة في رضوان الله ورحمته ونعيمه في جنته ، ولا يضيع أيّ عمل من أعمالهم مهما كان صغيرا (هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) فهذا هو العمل الذي لا يوافقه أيّ عمل من أعمال الدنيا مهما كان حجمها كبيرا ، لأن القيمة ليست للطبيعة الذاتية للعمل ، بل هي
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٢٠ ، ص : ٨٤.