ليواجه الموقف بالتعديل والتغيير ، وليخفّف عن الإنسان كل أثقال السلبيات الأخلاقية ، وليدفعه إلى التوازن في الدنيا الذي يؤدي به إلى التوازن في المصير في الآخرة ... أمّا هذا اللوم ، فإنه يمثل القيمة التي تكون في مستوى القسم ، ولعلّ الحديث عن النفس اللوّامة في أجواء الحديث عن يوم القيامة ، يوحي بأن النفس اللوّامة هي التي تتعاطى مع مسألة يوم القيامة بالجدّية اللازمة التي تدفع بالاحتمال الفكري ـ في ما يثأر من قضايا الغيب ـ إلى الملاحقة الفكرية بالتأمّل والتدبّر والحوار ، لتصل من خلال ذلك كله إلى القناعات الواعية الثابتة القائمة على الدليل والبرهان ، لأن عمق اللوم على الغفلة وعلى التقصير ، لا يترك النفس سادرة في هواها وفي غفلتها ، ولا يقف بها في أجواء اللّامبالاة تجاه ما يثأر حولها من قضايا ، لا سيّما إذا كانت القضية تتصل بالمصير الأبديّ ، مما يجعلها في مستوى الأهمية الكبرى في مواقع الفكر والإيمان.
إنها الحقيقة التي لا مجال فيها لأيّ ريب أو استبعاد مما يمكن أن يثيره الناس في العقول على أساس ما درجوا عليه من خضوع الإيمان للحسّ المألوف لديهم ، ليقيسوا الأشياء غير المرئيّة ، على الأشياء المرئيّة ، فيكون عالم الغيب خاضعا لعالم الحسّ ، وهذا ما تعالجه الآيات التالية.
* * *
أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه؟
(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) عند ما تتناثر وتتفرّق وتتحول إلى قطع صغيرة ، أو ذرّات دقيقة ضائعة في التراب؟ وهذا ما يدعوه إلى الإنكار الارتجاليّ السريع ، لصعوبة تصور جمع كل هذه القطع والأجزاء لتتحول إلى