(وَالْقَلَمِ) الذي يكتب به الناس (وَما يَسْطُرُونَ) أي وما يكتبون به من الشؤون المتعلقة بحياتهم الخاصة والعامة ، في ما يحتاجون إلى توثيقه وتأكيده ليبقى أساسا للثبات في التزاماتهم وعلاقاتهم وأوضاعهم المتنوعة المرتكزة على بعض القضايا المتصلة بالمستقبل ، في ما يجب أن يبقى شاهدا على كل تفاصيلها ومفرداتها.
كما يحتاجه الإنسان في كل قضايا المعرفة التي يتركها السابقون للّاحقين في ما يجعلونه منطلقا لأفكار جديدة ، وقاعدة لبناء ثقافيّ قويّ ، ولتجربة جديدة تستلهم التجارب الماضية الباقية في وعي الأجيال اللاحقة.
وهكذا كان القلم الذي ألهم الله الناس أن يستخدموه كأداة للكتابة هو الأداة التي أعطت الإنسانية ثقافتها الواسعة ، ومنحتها كل إمكانات التقدم والتطوّر والارتفاع ، ولولاها لبقيت المعرفة تحت رحمة الكلمة المسموعة التي تبقى في دائرة ضيقة في نطاق الظروف المحدودة المحيطة بالإنسان ، الخاضعة لحدود الزمان والمكان.
وبذلك كان من الأهمية الكبرى بحيث يكون في المستوى الذي يقسم الله به ، كما يقسم بالأمور المهمّة من خلقه ، في ما أنعم الله على العباد به من نعمه الكثيرة.
* * *
نفي الجنون بنعمة الله
(ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) فقد أنعم الله عليك بالعقل الواسع الذي جعلك في مستوى الذروة من القيادة حيث اصطفاك الله من خلاله لرسالته ، لتكون الرسول الذي يتلقى الوحي بعقله ليديره في فكره ، ليعرف كيف يبلّغه ، وكيف