لا أملك لكم ضرا ولا رشدا
(وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ) وهو رسول الله (يَدْعُوهُ) أي يدعو به في صلاته أو في غيرها (كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) أي كان المشركون يتجمعون حوله جماعات جماعات ، تماما كما هي اللبد الطبقات المتجمعة المتراكمة ، ليوقعوا الأذى به في إنكارهم عليه ، على أساس أن يكون هذا من قول الجن لقومهم في ما شاهدوه من سلوك المشركين العدواني ضد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أمّا إذا كان قولا ابتدائيا من الله ، فيمكن أن يكون حكاية عن الجن في اندفاعهم والتصاق بعضهم ببعض عند سماعهم القرآن ، كما يمكن أن يكون حكاية عن المشركين ، والله العالم.
(قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي) فهو المقصد لكل داع في كل ابتهالاته الروحية ، وفي حاجاته العامة والخاصة ، لأنه المهيمن على الأمر كله ، فلا أمر لغيره معه ، (وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً) لأن كل الذين يزعمهم الناس شركاء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ، فلا معنى لاعتبارهم آلهة على أيّ مستوى من ذلك.
(قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً) في ما يمكن أن يحصل لكم من ضرر أو نفع ، لأنني بشر مثلكم لا أملك أيّة قدرة بعيدا عن قدرة البشر ، فلا أتميز عنكم بشيء ، فلست أتقدم إليكم من موقع القدرات الخارقة المعجزة التي تضغط عليكم بطريقة غير عادية ، وليس من شأن الأنبياء أن يكونوا كذلك ، لأن مهمتهم لا تفرض عليهم هذا المستوى من القوة المادية الخارقة.
(قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ) إذا أراد الله بي سوءا في أيّ موقع من مواقع الحياة ، (وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) أي مكانا منغلقا أحترز به من عقوبته ، أو أجد فيه مفرّا من قدرته.
* * *