تبارك الذي بيده الملك
(تَبارَكَ) قيل : إن معنى تبارك الشيء هو كثرة صدور الخيرات والبركات منه ، وربما كانت الكلمة متضمنة لأكثر من معنى إيحائي يلتقي بالتعظيم لذاته تعالى ، من خلال امتداد الخير منه لكل الموجودات ، كما أنها تلتقي بالفقرة التالية.
(الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) باعتبار أن هذه الكثرة المطلقة في الخيرات الصادرة منه ، لا بد أن تكون ممن بيده الملك ، لأنه هو الذي يبدعه ويخلقه وينمّيه ويحركه ، مما يجعل الأمر غير محدود بحدّ معيّن ، لأنه لا مجال لنفاده. وهكذا توحي هذه الفقرة بالمعنى الكنائي في السيطرة المطلقة على كل ملك ، لأن ذلك هو معنى كونه بيده ، ليتصرف فيه كما يتصرف ذو اليد بما تحت يده ، فيحركه كيف يشاء ، فهو المالك لكل ملك ، والمالك لكل مالك ، لأنه هو الذي يعطي الخلق ما يملكونه ، كما أعطاهم نعمة الوجود ذاته.
(وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فلا حدّ لقدرته ، وكل شيء خاضع له ، فلا مجال للتوقف عند أيّة فرضية وجودية ، في ما يفعل في المستقبل ، في عالم الغيب الذي لا يحيط به الإنسان ليستبعد وجودها ، بعد أن كانت داخلة في دائرة القدرة الإلهية المطلقة.
* * *
خلق الموت والحياة لاختبار الناس
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) وقدّرهما ليكونا القانون الطبيعيّ للموجودات الحيّة ، لا سيّما الإنسان الذي يمثل وجوده حركة المسؤولية في ذاته. والموت