يملك أن يتماسك أو يثبت في إحساسه بالمشكلة التي تحيط به ، (وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) فلا يمنح غيره شيئا مما أنعم الله به عليه من نعم الحياة ، لأنه يخاف على نفسه الفقر ، ويضيق بالناس الذين يتطلعون إليه ليحصلوا على بعض ما عنده مما يلبي حاجاتهم ويحلّ مشكلة حرمانهم.
وهكذا يؤكد القرآن المسألة النفسية للإنسان ، في جانبها السلبي ، عند ما تتحول إلى
مسألة عملية واقعية تنعكس على الجانب السلوكي من حياته ، فهي ليست مجرد حالة طارئة خاضعة للظروف المحيطة به ، بل هي حالة غريزية في طبيعة تكوينه الغريزي في الضعف الشعوري الذي يقوده إلى الجزع والسقوط ، وإلى البخل والحرص. ولكن هذه الغريزة ككل الغرائز الإنسانية ، لا تمثل حتمية الحالة السلبية في نتائجها العملية ، لأنها يمكن أن تتحول إلى حالة إيجابية من خلال التهذيب الروحي الذي ينعكس إيجابا على التهذيب العملي ليتوازن السلوك الأخلاقي في شخصيته ، فيأخذ بأسباب القوّة عند ما ينفتح على الله في انفتاحه على قوّة الله ، كما يعيش روحية العطاء عند ما يتطلع إلى امتداد حركة النعمة في المستقبل ، كما امتدت في الماضي ، لأن الله الذي أعطى الإنسان في الماضي هو الذي يعطيه في المستقبل ، فيزداد ثقة بالأمن المستقبلي بالرزق ، فلا يمنع ولا يبخل على عباد الله.
* * *
الإنسان في صورته الإيجابية
وهذا ما جعل استثناء المصلّين في قوله تعالى : (إِلَّا الْمُصَلِّينَ) أمرا طبيعيا من خلال ما ترمز إليه الصلاة في حياة الإنسان المؤمن من إيمان بالله ، وثقة به ، وتوكل عليه ، واستسلام له ، وانفتاح على معنى العبودية في ذاته ، في