ما يؤكده ذلك من إحساس بمعنى الحرية الإنسانية أمام الكون كله ، لأنه يتساوى معه في كونه مخلوقا لله تعالى.
وفي ضوء ذلك ، يمكن للقيم الروحية الإنسانية في جانبها العملي أن تؤثر إيجابيا في شعوره بالقوّة وحركة الخير والعطاء في حياته ، من خلال الإيمان بأن الله يرعاه في نقاط ضعفه وقوّته ، وأنه يعوّض عليه كل ما يقدمه للآخرين من ماله ، وهذه هي الصفات التي يمكن أن يتّصف بها المصلّون في حركتهم الأخلاقية العملية التي ترتفع بهم إلى مستوى الإنسانية القريبة من الله سبحانه.
(الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) فلا يهملونها ولا يتهاونون بها ولا يتركونها ، لأنها تمثّل مسئوليتهم الروحية بما تمثله من العروج الروحي إلى الله ، مما يؤدي إلى الشعور بالحضور الدائم لله في وعيهم العقيدي ، فيدفعهم ذلك إلى الانضباط والالتزام العملي ، وإلى الشعور بالقوّة المنفتحة على الله.
(وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ* لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) فهم يرون أن ملكية المال لا تمنحهم درجة متقدمة على الناس ، في ما هو مضمون الامتيازات الحقوقية عليهم ، بل تحمّلهم مسئولية الحق الذي يملكه الناس عليهم ممن يعيشون الحرمان من العيش الكريم من خلال ضغط الحاجات عليهم. ولذلك فإنهم يفرضون على أنفسهم حقّا ماليّا معيّنا اختياريا من خلال ما فرضه الله عليهم فأطاعوه في قيامهم به ، أو من خلال ما فرضوه على أنفسهم مما استحبّه الله لهم أو أحلّه لهم ، ليعيشوا روح المشاركة للآخرين من الذين تدفعهم حاجاتهم إلى سؤال الآخرين ، أو تمثّل المستوى المعيشي الذي يجعلهم في هذه الدرجة حتى لو لم يسألوا الناس ، ومن المحرومين الذين عاشوا الحرمان المالي من خلال ضيق اليد وضغط الحاجات ، وبذلك يتحمّلون مسئولية المال في ما يؤمنون به من أنه مال الله الذي آتاهم ، فلا بد من أن يمنحوا بعضه لعباد الله ،