يوحي بالاسترخاء والقعود والاستسلام للراحة ، والبعد عن حركة المسؤولية في الفترة التي قد يعيش فيها الإنسان الشعور بعدم مسئوليته عن الواقع من حوله.
(قُمْ فَأَنْذِرْ) فقد بدأت الرسالة ، وانطلقت في حركيتها في خط الدعوة التي قد تتحرك في أسلوب الهزّة الروحية التي تحتوي الحالة الشعورية للناس ، لا سيما حين يعيشون الإحساس بالأمن والطمأنينة لمستقبلهم في الدنيا والآخرة ، فلا يشعرون بأن العذاب الخالد ينتظر المكذّبين بالرسول وبالرسالة ، ولا بدّ للرسول من أن يتحرك ليواجه المجتمع وليهزّه وليثير مسألة الصراع في ساحته ، وليؤكد موقفه في حركته ، مهما كانت الأوضاع والتضحيات.
* * *
وربّك فكبّر
(وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) في إيحاء قويّ بأن الله هو الأكبر ، ليتصاغر كل أولئك الذين جعلهم الناس في موقع الآلهة على مستوى العقيدة أو العبادة ، ليشعروا بأنهم في الموقع الصغير جدا ، أمام الله الأكبر الذي هو أكبر من أن يوصف ، لأن الخلق لا يستطيعون بلوغ كنه صفاته أو كنه ذاته ، كما أنه أكبر من أن يشبّه به أحد من خلقه ، أو يبلغ مواقع عظمته.
قال في الكشاف في قوله : (فَكَبِّرْ) «إن الفاء دخلت لمعنى الشرط ، كأنه قيل : وما كان فلا تدع تكبيره» (١).
وهذا ما يريد الله أن يوحي به إلى الرسول في صفته الحركية كداعية ، وإلى كل داعية من بعده ، بأن يطلق كلمة التكبير في وجدانه وفي لسانه ، ليؤكد عمق التوحيد في موقفه من خلال التطلّع إلى الله الأكبر الذي لا يدانيه شيء ، وليستوحي منها القوّة الروحية التي تستمد معناها من مضمون المعنى الذي
__________________
(١) تفسير الكشاف ، ج : ٤ ، ص : ١٨٠.