له لإيمانه وتسبيحه وإخلاصه ، مما جعل مسألة الاستعجال منطلقة من موقع الإخلاص لله لا من موقع التمرد عليه ، (لَنُبِذَ بِالْعَراءِ) وهي الأرض العارية التي لا سقف فوقها ولا نبات عليها ، (وَهُوَ مَذْمُومٌ) على هذا السلوك الذي لا يتناسب مع صبر الرسالة وثبات الرسول ، (فَاجْتَباهُ رَبُّهُ) واختاره إليه (فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) الذين اختصهم برحمته ، وجعلهم من أهل كرامته.
* * *
من إيحاءات الآيات
وقد نستوحي من هذه الآيات وصية الله للنبي أن لا يكون كصاحب الحوت الذي ضاق صدره بتكذيب قومه ، فاستعجل العذاب لهم ، ولم يصبر على الامتداد في تبليغ الرسالة لتبلغ مداها في تحقيق شروط النجاح أو نهاية التجربة.
قد نستوحي من ذلك أن الأنبياء يستسلمون لنقاط الضعف البشرى تبعا لدرجاتهم ، وقد لا يكون من الضروري أن يكون ذلك في حجم المعصية لأنهم ربما انطلقوا من معطيات إيمانية في الغضب لله ولرسوله ، ولكن ذلك يعني أن درجاتهم في الكمال تتفاوت حسب تفاوت مواقعهم الإيمانية والروحية.
وقد نستوحي من هذه الآية ، أنّ على الداعية أن يصبر في موقفه الصعب في مواجهة التحديات ، ليبقى في متابعة دائمة للواقع من حوله من خلال دراسة الظروف الموضوعية الضاغطة عليه أو على الناس الذين يريد هدايتهم ، ليفسح المجال لظروف أخرى ملائمة في ما يمكن أن يختزنه المستقبل من متغيرات على صعيد حركة الواقع السلبية والإيجابية ، وأن عليه أن لا يتعقد من النكسات أو بعض مواقف الفشل ، ولا يثور بسرعة ، بحجة الثأر لرسالة الله التي لا يطيق