والالتزام به؟ وهذه إشارة ـ على الظاهر ـ إلى أن ذلك مما لا يستطيع أحد أن يتكفل به ، لأنّه الباطل الذي لا يتفوه به كل من يحترم عقله ، (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ) يقررون لهم هذه الأمور ، فيعتمدون عليهم في موقفهم وفي حكمهم ، ممن يكون له إصدار الأمر الملزم للناس ، وذلك بأن يكون هؤلاء الشركاء في مواقع الآلهة ، (فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) ولن يستطيعوا ذلك لأنه غير وارد في حساب الحقيقة الأصلية. وقيل : إن المراد بالشركاء شركاؤهم في هذا القول ، للإيحاء بأنهم ليسوا وحدهم فيه ، فلا يكونون حالة شاذة في المجتمع ، في ما يقولونه أو يلتزمونه من الحكم ، ولكن وجود آخرين يثبتون هذا القول لا يصلح سندا لهم ، لأن أولئك يكونون مثلهم في الخطأ والسقوط.
* * *
موقف الخسران للكافرين يوم القيامة
(يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) وهو وارد مورد المثل عن اشتداد الأمر اشتدادا بالغا لأنهم كانوا يشمرون عن ساقهم إذا اشتد الأمر للعمل أو للفرار. قال صاحب الكشاف : «فمعنى (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) في معنى يوم يشتد الأمر ويتفاقم ولا كشف ثمّ ولا ساق ، كما تقول للأقطع الشحيح يده مغلولة ، ولا يد ثمّ ولا غل وإنما هو مثل في البخل» (١).
(وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ) لأنهم لا يملكون القدرة على ذلك من خلال العجز الروحي والجسدي الذي لا يمكنهم من القيام بذلك بشكل طبيعيّ.
(خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ) فلا يملكون أن يحدّقوا بها في ما حولهم ، لأنه من الأمور التي لا يستطيعون التماسك أمامها ، لما تشتمل عليه من مظاهر الرعب
__________________
(١) تفسير الكشاف ، ج : ٤ ، ص : ١٤٧.