ومشاعرك ومواقفك إنسان الله ، كما يحب الله ويريد.
* * *
أقبل على الله واتخذه وكيلا
(وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) قيل إن التبتل مأخوذ من البتل ، وهو القطع مثل البت ، ويراد منه هنا الانقطاع إلى الله ، بالانصراف عن الدنيا والإقبال عليه. وقد جاء في بعض أحاديث أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، أن التبتل رفع اليد إلى الله والتضرع إليه ، وربما كان ذلك بلحاظ الجانب التعبيري عن الانقطاع إلى الله في مواقع العبادة الروحية في معانيها على مستوى الشكل والمضمون ، أي انقطع إليه انقطاعا كاملا بالكلمة والإشارة والحركة والروح والفكر والوجدان.
وإذا كان ذكر اسم الله بالقلب واللّسان هو الخط في الحركة ، والانقطاع الكامل إليه هو العمق في الروح والشعور ، فلا بدّ من أن يسبق ذلك التصور الشامل للقدرة المطلقة ، والهيمنة الكلية ، والوحدة الإلهية ، ليكون الذكر والانقطاع ناشئين من قاعدة الوعي الإيماني المنفتح على حقائق الكون والحياة.
(رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) بما يعنيه ذلك من ربوبيته للعالم كله ، باعتبار أن المشرق والمغرب يمثلان الجهتين اللتين يتوجه إليهما الوجود المتحرك ، مما يدل على أنه يتجه إلى الله في كل وجهة يتجه إليها ، لأن الله هو رب الجهات كلها ، بحسب المعنى الكنائي في هذا أو ذاك ، (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فهو وحده الإله ، لأن كل من عداه في الكون فهو مألوه له ، وخاضع لإرادته ، ومنقاد لتدبيره ، فكيف يكون إلها معه ، وذلك هو التصوّر الذي يوحي بالثقة والاستسلام له في كل شيء ، والاعتماد عليه في كل قضية ، والرجوع إليه في كل مشكلة ، (فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) على أساس قدرته وحكمته ورحمته وربوبيته في تدبيره.
* * *