المصير المشؤوم
(خُذُوهُ فَغُلُّوهُ) وهذا هو الجواب على كل حديثه. إنه الأمر الإلهي في تصفيده بالأغلال ، (ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) ليدخل فيها ويصلى نارها المحرقة (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ) في إشارة إلى القيد الذي يمثل هذا القدر من الطول ، (إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ) فقد استكبر وتمرّد ورفض الخضوع لكل الدلائل الواضحة والبيّنات الظاهرة على وجود الله سبحانه ، لا من موقع الفكر المضادّ ، ولكن من موقع العناد الذي يتحرك على أساس منطق اللّامبالاة بمسألة العقيدة التي لا يريد أن يشغل فكره بها ، لأنه لا يريد أن يخرج من جوّه الكافر المتخلّف ، فقد قامت عليه الحجة القاطعة التي تبرّر عذابه في نار جهنّم.
(وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) فقد تحجّرت العاطفة في قلبه ، وتجمّدت الإنسانية في مشاعره ، فلا يحسّ بأيّ ألم أو حزن عند ما يسمع صرخات الجائعين من المساكين ، بل يمرّ عليهم مرور المستكبر الذي لا يتأثر بذلك ، ولا يدفع غيره إلى القيام بهذا الواجب ، لأنه لا يعيش مسئولية الناس المحرومين الذين يعانون من ضغط الحياة عليهم.
(فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ) لأنه لم ينطلق في علاقاته من أجواء التقوى التي تمتد في طبيعتها من الدنيا إلى الآخرة ، فلم يكن في موقع الاحترام للمتقين أو في مجال التعاطف معهم ، بل كانت كل علاقاته مع الكافرين المستكبرين من أمثاله ، الذين لا يرتبطون ببعضهم البعض ، بقاعدة قويّة ثابتة ، في ما هو التوافق الفكري والروحي ، بل ينطلق الارتباط من المصالح المتبادلة القائمة على النفاق والخداع ومحاولة كل واحد منهم استغلال الآخر بعلاقات لا تمثل امتدادا حتى في الدنيا ، لأنها تخضع للأوضاع الطارئة التي تذهب سريعا ، وقد