نَخْلٍ خاوِيَةٍ)وهي أصول النخل التي تتحوّل إلى أخشاب لا تحمل في داخلها شيئا ، فلا تملك حياة فيما هو النموّ ، ولا تملك صلابة لفراغ داخلها. وهذا هو ما حلّ بهؤلاء الناس الذين ضغطت عليهم الرياح البادرة الشديدة الطاغية التي خرجت عن المألوف ، وكانت مستمرة طيلة هذه الأيام والليالي ، متكررة في عددها ، وهذا ما توحيه كلمة الحسوم التي هي ـ كما قيل ـ تكرار الكيّ مرات متتالية ، (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) فقد استوعبهم العذاب ، فلم يبق منهم أحد.
* * *
هلاك قوم فرعون ولوط ونوح
(وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ) من الأمم المتقدمة عليه زمانا (وَالْمُؤْتَفِكاتُ) وهي قرى قوم لوط ، والمقصود بها أهلها ، (بِالْخاطِئَةِ) حيث سلكوا الطريق الخطأ الذي ابتعدوا فيه عن عبودية الله وعن الالتزام بطاعته بعد إقامة الحجة عليهم من قبل الأنبياء الذين أرسلهم الله إليهم.
(فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ) والمراد بالرسول : المرسل إلى كل واحد منهم ، (فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً) أي مرتفعة زائدة ، كما هي الرابية ، وهو كناية عن العقاب الشديد الذي يزيد عما هو المتعارف من العقوبة ، من خلال انتهائه إلى الهلاك.
(إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ) في طوفان نوح الذي أهلك الله به القوم الكافرين ، (حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ) يا أيها المؤمنون ، لأن الله أراد للحياة أن تبدأ عهدا جديدا في خط الإيمان به وبرسله وباليوم الآخر.
(لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً) في ما تفتح به قلوبكم وعقولكم على ما يؤاخذ الله به عباده الذين يمتدّون في الطغيان ، حتى لا يبقى هناك مجال للرحمة عند ما يتحوّلون إلى سدّ قويّ أمام الإيمان ، بحيث يحولون بين الناس وبينه ، كما