هل يملك الهيمنة على الكون إلا الله؟!
(أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ) لتستعينوا به على الله إذا أراد الله أن يعذّبكم بذنوبكم لينقذكم من عذاب الله ، فأين هو وكيف هو؟ (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) بفعل ما يعيشونه من العقلية الخياليّة المستغرقة في ذاتها وفي أوضاعها المحيطة بها ، بعيدا عن كل النتائج السلبية القاسية التي تنتظرهم في بعض ما يأخذون به أو يدعونه.
وتلك هي مشكلة هذه النماذج البشرية البعيدة عن التطلع إلى الآفاق الواسعة التي يتسع لها الحاضر ، ويختزنها المستقبل في الأمور التي يتبعونها تقليدا من دون أن يفكروا فيها وفي الأشخاص الذين يقلدونهم ، أو يمارسونها انفعالا وعاطفة من دون أن يدققوا في العمق الكامن في داخلها ، وليسوا مستعدين في الوقت نفسه أن يستمعوا للناس الذين يذكّرونهم بالحقائق الأصلية الواضحة على صعيد الواقع ، ليدخلوا معهم في حوار حول ما هو الحق والباطل في المسألة ، لأنهم غارقون في الغرور الداخلي الذي يعمي أبصارهم ، ويغلق عقولهم عن الجانب الآخر من الموضوع.
(أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ) فهل تستطيعون أن تشيروا إلى أيّ شخص ، أو أيّ مخلوق من هؤلاء الذين تعتبرونهم آلهة ، أو تعبدونهم ليقربوكم إلى الله زلفى ، لينزل عليكم المطر إذا حجب الله عنكم المطر أو ليعطي النبات حيويته ونموّه وثمره ، إذا أوقف الله ذلك عنه ، أو نحو ذلك؟! إنكم تعلمون أن الله وحده هو الذي يملك الرزق عطاء ومنعا ، ولا يملكه أحد غيره ، لأنه المهيمن على الأمر كله ، ولكنكم ـ باختصار ـ لا تفكرون ، وإذا فعلتم ، فليس في الاتجاه الصحيح ، لأنكم لستم في طريق الوعي للمسؤولية في حاضر الحياة ومستقبلها ، (بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ) فلم
__________________
ـ الأقاويل في وجوه التأويل ، دار الفكر ، بيروت ـ لبنان ، ج : ٤ ، ص : ١٣٨.