(كَثِيباً مَهِيلاً) أي رملا سائرا متناثرا ، وقيل : المهيل الذي إذا وطئته القدم زلّ من تحتها ، وإذا أخذت أسفله أنهار أعلاه ، والمقصود أن الجبال تنقلع من أصولها فتصير بعد صلابتها كالرمل السائل.
* * *
أخذ العبرة من عذاب فرعون
(إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ) كما هم الأنبياء الذين يرسلهم الله برسالاته ليبلّغوها للناس ، وليؤكدوا عليهم السير في خطها المستقيم ، وليراقبوا التجربة الحيّة على الطبيعة في عملية ملاحقة لكل أوضاعها السلبية أو الإيجابية ، ليشهدوا غدا أمام الله أنهم قد قامت عليهم الحجة في وصول الرسالة إليهم بكل ما فيها من مواقف الحق النازل من الله ، (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) عند ما اقتضت الحكمة الإلهية أن يرسل موسى عليهالسلام إلى فرعون ليصدم جبروته وكبرياءه ، وليحطّم الحاجز الذي كان يضعه أمام الناس المستضعفين ، ليمنعهم من الانفتاح على الإيمان بالله في أفكارهم ، ومن الوعي لمواقع الحرية والعزة في حياتهم ، ليخرجوا من الظلمات إلى النور ، وليتحرّروا من سيطرة طغيانه وجبروته.
وانفتحت كل ساحات الصراع في حركة الرسالة ضد الكفر والظلم والاستكبار ... وكان التحدي الرسالي سيّد الموقف ، فوقف موسى عليهالسلام الموقف القويّ الذي يستمد حيويّته وقوته من قوة الإيمان بالله.
(فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) ولم يخضع لكل ما قدّمه إليه من بيّنات ودلائل على صدقه في الرسالة ، بل استكبر وتمرّد وحاول أن يخطط للقضاء على موسى عليهالسلام والمؤمنين معه ، ويلاحقهم في محاولتهم التحرر من سيطرته للخروج من دائرة ملكه ، (فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً) أي شديدا ثقيلا ، فغرق وجنده في البحر ، وانتصر موسى عليهالسلام عليه ، وتحركت الرسالة بعيدا عن كل