أخذ الكافرين الكتاب يوم القيامة بالشمال
(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ) وهو الذي كفر بالله ، وتمرّد عليه ، في ما تمثله كلمة أصحاب الشمال ، (فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ) لأنهم يعرفون جيدا ما أسلفوه من الكفر والضلال والحرب على الله ورسله ، فلا يطيقون رؤية الكتاب وما فيه ، لأنه يوحي إليهم بالمصير الأسود الذي ينتظرهم في عذاب الله ، من دون أن يجدوا وليا ولا نصيرا ، (وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ) لأن الحساب سوف يكون شديدا على الجرائم التي ارتكبها في حياته ضد الرسالة والرسول ، (يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ) في إشارة إلى الموتة الأولى التي كان يتمنى لو أنها بقيت مستمرّة من دون أن تتحوّل إلى حياة جديدة يواجه فيها العذاب الشديد.
(ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ) الذي جمعته من مصادر متنوّعة لم أراع فيها حدود الله ولم أعمل فيه بطاعة الله ، بل تحركت فيه من أجل نماء الذات المنفتحة بالزهو والخيلاء ، بما يبعدها عن الإحساس بالمسؤولية أمام الله (هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ) الذي أجهدت كل طاقاتي في الحصول عليه ، وتنازلت عن كثير من المبادئ للوصول إليه ، من أجل إرضاء أصحاب السطوة والسلطان ، ليمنحوني من سطوتهم سطوة على الضعفاء ، ومن سلطانهم سلطانا على البؤساء ، لأوحي لنفسي بأني صاحب القدرة الواسعة التي لا يضعفها شيء ، مما جعلني آخذ حرّيتي في ظلم الناس في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم ، وها أنا الآن أجد نفسي عاريا من كل هذا ، خائفا من كل شيء حولي ، مرعوبا مما أقبل عليه من عذاب النار الذي يحرق كل تاريخي وسلطاني ويؤدّي بي إلى عمق الذل وفضيحة العار.
* * *