تأثير البيئة المحيطة بهم ، أو من الخضوع الغريزي للتاريخ العاطفي المتصل بآبائهم وأجدادهم ، بل كان حالة إرادية واعية ناشئة من البحث والتطلع إلى كل الاحتمالات المتنوعة في أذهانهم ، وإلى كل الأفكار المطروحة في واقع الحياة ، ليكون الاختيار من موقع القناعة المرتكزة على التأمل العميق ، والتفكير الواسع. وهذا ما يتّصف به المسلمون الذين يحملون مسئولية الانتماء قبل أن يختاروا الإسلام كعقيدة ومنهج حياة ، كما يحملون مسئوليته بعد ذلك ليحافظوا عليه في أنفسهم وفي المجتمع الذي يلتزمون فيه خط الدعوة من أجل هدايته إليه.
(وَأَمَّا الْقاسِطُونَ) الجائرون العادلون عن الحق ، الذين ابتعدوا عن الله ، وأسلموا حياتهم كلها للشيطان ، ليعبث فيها ما شاءت له الشيطنة أن يعبث ، وليبتعد بالإنسان عن الإيمان بالرسالات ، وليدفعه إلى التمرد على الله وعلى رسله ، (فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) لأن ذلك هو الجزاء العادل للكافرين الذين أقام الله عليهم الحجة في مسألة الإيمان ، فتمردوا عليها وساروا في خط الضلال ، وهذه هي مشكلة الذين عاشوا في حياتهم عقلية الخضوع للآخرين في التلاعب بوجودهم وبأفكارهم ومشاعرهم ، مما جعلهم يعيشون الذهنية الحطبية التي تجعلهم وقودا لكل نار يريد الآخرون أن يشعلوها ليحرقوا بها خصومهم ، أو ليحرقوهم بها في الدنيا والآخرة.
* * *
لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا
(وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) الحقة في ما تخطط له شريعة الله من