الروحي والاستقامة العملية في الآفاق الكبيرة المنفتحة على الله في رحاب رحمته ورضوانه ، وهم أصحاب اليمين الذين يتميّزون عن الناس بعمق العقيدة وامتداد العمل ، وإخلاص الروح لله ، وهؤلاء هم الذين أطلقهم الله من الارتهان ، لأنهم عاشوا مع الحرية بعد ما استطاعوا تحرير إرادتهم من الخضوع للشيطان ، ولهذا كانوا في دائرة الاستثناء.
(إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) الذين أخذوا مواقعهم في الدرجات العليا في الحياة ، وأعطاهم الله الموقع الذي يستطيعون من خلاله أن يوجهوا أسئلتهم للمجرمين الذين كانوا على علاقة بهم في الدنيا لقرابة أو صداقة أو جوار أو نحو ذلك ... وها هم (فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ* عَنِ الْمُجْرِمِينَ) الذين كانت حياتهم تجسيدا للجريمة بعد ممارستهم للمحرّمات التي تمثل الدائرة التي أراد الله لهم أن يخرجوا منها ، أو تركهم الواجبات التي أراد الله لهم أن يتحركوا في داخلها ، (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) ما هو السبب الذي أدى إلى هذه النتيجة ، وألقاكم في وادي جهنم؟!
* * *
أسباب دخول الناس إلى النار
(قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) في ما تمثله الصلاة من الصلة بالله ، والانفتاح عليه ، والعروج الروحي الذي يصعد الإنسان من خلالها إليه ، مما جعلنا بعيدين عن مواقع رحمته ، وقريبين من مواضع غضبه وسخطه.
(وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) فقد كان البخل هو الخلق الذي نتّصف به في مواجهتنا لحالات الحرمان التي يعيشها الناس ، فإذا رأينا مسكينا يعاني من الجوع والعطش والعري رفضنا إعانته ، وقلنا : (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ) [يس : ٤٧] ونحو ذلك مما يتعلق بالحالات الأخرى للحاجة ، الأمر الذي