في أجواء السورة
وهذه من السور المكية التي تتحرك في اتجاه تربية العقيدة التوحيدية في العقل والروح والشعور ، وذلك من خلال توجيه الفكر إلى التأمل في رحاب الكون الممتد أمامه في الأفق الواسع ، في ما يشتمل عليه من ظواهر ومشاهد وأوضاع كونية ليتمثلها الإنسان في وعيه التأمّلي ، من أجل أن يصل من خلالها إلى الإيمان بعظمة الله في قدرته في خلقه ، وفي تدبيره في نظام الكون ، وتوجيه الروح في أجوائها الواسعة بما تستوحيه من إيحاءات ، وفي ما تستلهمه من مشاعر ، لتحتوي المعاني الروحية الإيمانية التي تلامس منطقة الشعور في الإنسان ، فتثير في داخلها الإخلاص لله والخشوع السابح في بحار الروحانية التي يتفايض في عمقها وامتدادها الإحساس بعبودية الإنسان لله ، أمام الألوهية المهيمنة على الحياة كلها ، في أجواء الخلق والتدبير ، وليصل الإنسان من خلال ذلك إلى التحرّك العملي نحو المعرفة والطاعة ، وليعي بفكره ووجدانه أن الوقوف في مواقف الجهل واللّامبالاة ، التي تمنع الإنسان أن يسمع أو يفكر ، سوف يؤدي به إلى عذاب السعير ، لأنها تبعده عن القرب من الله ، وتدفع به إلى التمرد عليه.