إذا كان الذين يحملون هذه الرسالة من المستضعفين الذين هم أدنى الناس في الطبقة الاجتماعية ، أو كان رسولهم من بين هذه الجماعة. وهكذا نرى أن القرآن يتحدث عن الكافرين في كفرهم ليوحي بأن الاستكبار لما يمثّل من عقدة ذاتية لدى المستكبرين هو المسؤول في كثير من الحالات عن كفر الكافرين ، لأن الحالة النفسية قد تترك تأثيراتها الضاغطة على واقع الناس الفكري والعملي ، باعتبار أن الإنسان يخضع في نشاطاته الداخلية والخارجية للعوامل النفسية المعقّدة.
(ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً) بالصوت العالي المسموع الذي ينفذ إلى أسماعهم بقوّة ، (ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ) بالطريقة العلنية التي تملك الوضوح في الحياة العامة بحيث لا تخفى على أحد (وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً) بالطريقة السرية التي كانت تتم بالتشاور والتناجي مع جماعة معينين في دائرة اجتماعية ضيّقة من هؤلاء الذين يملكون التأثير على الناس التابعين لهم ، أو من الذين يخافون إعلان مواقفهم في ما كانوا يريدونه أو يدّعونه من مواقف ، فيطلبون أن يكون اللّقاء سرّيا حتى لا يفتضح أمرهم عند ما يريدون اتّباع الرسالة والعمل على تأييدها ، لئلا يكون لأحد حجّة في الامتناع عن الإيمان على أساس ظروفه الخاصة التي قد تلتقي بالحاجة إلى الإعلان تارة ، وإلى الإسرار أخرى.
* * *
كيف كان نوح يدعو قومه؟
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) فهو الإله الغفّار الذي يمنح عباده الفرصة للرجوع إليه ، ويدعوهم إلى الاستجابة له ، ليرجعوا إلى الحق الذي يكفل لهم رحمة الله ومغفرته ورضوانه ، لأن القضية ليست قضية كلمة تقال ،