(وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ) من خلال هذه المتغيرات الجديدة ، (أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً) لأنّا لا نملك معرفة أسرار ذلك ، ويمكن أن يكون المراد نفيهم لعلم الغيب ، بعيدا عن مسألة منعهم من استراق السمع ، فهم لا يملكون أيّة معرفة غيبية في ما قدره الله للناس في أمور حياتهم مما قد يكون خيرا أو شرّا.
* * *
مناقشة لبعض المناهج التفسيرية في مسألة الجن
وقد يحاول البعض من الناس تأويل هذه الظواهر الغيبية على أساس بعض الموازين التجريبية التي استحدثها الناس ، أو على أساس اعتبارها حالة تمثيلية أو تصويرية في أسلوب الأدب الرمزي ، لأنهم لا ينطلقون من موقع الإيمان بالغيب في ما ينزله الله على رسله من الحديث عما لا يملك الناس علمه ، لأنهم لا يملكون وسائل الوصول إليه ، وذلك من خلال الأفكار السابقة التي يحملونها في تربيتهم الثقافية.
إنّ الإسلام يريد أن يربط الإنسان في تفكيره بالعقل تارة في ما يمكن أن يدركه العقل ، وبالتجربة أخرى في ما يمكن أن تبلغه التجربة ولا يريد أن يربطه بالمألوف والمحسوس ، لأن عدم الألفة في ما هي الظاهرة ، أو عدم الحس في ما يتحرك فيه الواقع ، لا يعني عدم الوجود ، لأن الوجود أوسع من ذلك في ظواهره وفي خفاياه. فإذا أدرك العقل إمكان شيء وجاء الوحي الصادق بوقوعه ، فلا بد من الإيمان به ، لأن الحقيقة قد استكملت وسائل الوصول إليها ، فلا قيمة لما يرفضه الناس منها على أساس المعرفة السطحية التي لا