وقد لا تكون هذه الطروحات حقيقة في ما يفكرون به ، بل قد تكون مسألة تحدّ للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في ما يدعوهم إليه ، ليعطّلوا عليه حركة الدعوة في مجتمعاتهم ، لأنهم يعرفون أنه لا يستجيب لهم في ذلك لأنه طلب غير معقول وغير واقعي ، لأن قضية الرسالة ليست عبثا يخضع للتمنيات ، ولكنها حاجة واقعية تنبعث من إرادة الله المنطلقة من الحكمة الإلهية في إرسال رسله وإنزال رسالاته.
* * *
لا يخافون الآخرة
(كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ) إنه الرفض لكل كلماتهم ، لأن المسألة في طلبهم هذا ، إذا كانت مسألة البرهان الذي يثبت حقيقة الرسالة ، فإن الرسالة التي جاء بها الرسول تملك الكثير من البيّنات على ذلك ، لكنهم ليسوا جادين في طلبهم ، بل المسألة أنهم لا يحسبون حسابا للآخرة وما فيها من أهوال وآلام وعقوبات وإلا لدفعهم الخوف من الآخرة إلى مواجهة المسؤولية الرسالية من موقع الحوار الهادىء القائم على التفكير والتأمل الهادىء.
* * *
ما القرآن إلا تذكرة
(كَلَّا) فلا قيمة لهم ، ولن يستجيب الله لاقتراحاتهم ، (إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ) فهذا القرآن أنزله الله ليكون تذكرة تكشف الحقيقة ، وترشد إلى المنهج السليم للوصول إليها عبر صنع الوجدان الفكري والروحي للإنسان (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ).
وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) لأن للذكرى أسبابها الداخلية في عمق النفس