تضغط على كل الواقع الإنساني لتدفعه إلى الالتزام الفكري والعملي الذي يقف عند حدود الله فلا يتجاوزها ، ويتحمل ثقل الأعباء الملقاة على عاتق الإنسان المسلم الذي يواجه التحديات من موقع الإيمان الرسالي الذي يثبت في كل حالات الاهتزاز الروحي الهادف إلى إسقاط الواقع من حوله.
وهذا ما يحتاج إلى التربية الطويلة ، والمعاناة الشديدة ، والقوّة الروحية التي ترتفع بالإنسان إلى الآفاق الواسعة ، فلا تضيق به مشكلة ، ولا تضعفه مصيبة ، ولا تخنقه عقدة ، ولا يثيره انفعال ، ليكون إنسان الفكر الهادىء ، والعاطفة المتزنة ، والحركة العاقلة ، والواقع المتوازن ، والكلمة الحلوة الهادئة ، لأن الرسالة لا تنمو في عقل الإنسان إلا من خلال الشخصية الإنسانية التي تجمع ذلك كله.
وتلك هي قيمة القيام بالليل الذي يملأ الروح بالصفاء والنقاء والهدوء والاتّزان العقلي والروحي ، عند ما يتكرر لقاء الإنسان بربّه في أجواء الليل الذي يحوّل الظلام من حالة تثقل الروح بسوادها إلى حالة تبعث الصفاء في الروح من خلال الاسترخاء الذي يبعثه في مشاعرها ، فيدفعها إلى الهدوء في الحركة والفكر ، كما يوحي له بارتفاع مستوى الإحساس بالقوّة التي يستمدها من صلته بالله.
* * *
الروحانية الصادقة الصافية في اللّيل والنهار للعمل
(إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) الظاهر أن المراد بكلمة (ناشِئَةَ اللَّيْلِ) ، ما ينشأ من الليل بعد العشاء ، كما قيل ، وهي كناية عن صلاة الليل التي تندمج في الزمن لتحمل للإنسان معناها الروحي والعملي ، نتيجة الجهد الكبير والمشقة الشديدة بسبب سهر الليل ، والتمرد على حاجة النفس للنوم والراحة والاسترخاء الهادىء ، وبذلك كانت أشد وطئا وتأثيرا على الجسد ، من أيّة