مفهوم الجنّ في القرآن
وهذه السورة المكية نزلت لتعالج مفهوم الجنّ كحقيقة وجودية أكّدها القرآن في أكثر من سورة ، فقد تحدث عن الجنّ كمخلوقات حيّة عاقلة مسئولة ، تماما كما تحدث عن الإنس ، وخاطبهما معا ، وجعلهما مسئولين عن عبادة الله الواحد ، وحذّرهما من الكفر به والانحراف عن خط طاعته تحت تأثير الإنذار بدخول النار والوقوع في دائرة غضبه. وأثار الحديث عن وجود الشياطين من الإنس والجن الذين يوسوسون في صدور الناس ، واعتبر إبليس من الجن ، وتحدث عن ذريته وأنكر على الناس أن يتخذوه وذريته أولياء ، وقصّ علينا القصص المتنوّعة التي تدل على وجود طاقات متنوّعة قد تفوق طاقة الإنسان حتى ليستطيع أن يقترب من السماء ليسترق السمع.
وتلك هي الصورة التي يمكن لنا أن نؤمن بها على أساس الحقيقة القرآنية التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، كما في الكثير من حقائق الغيب التي لم تقع تحت إدراك حواسّنا الظاهرة ، فلا نزيد عليها وعلى ما جاءت به السنّة الصحيحة من النبي محمدصلىاللهعليهوآلهوسلم. أمّا العقائد الشعبية التي تتحدث عن الجنّ بما يشبه الخرافة ، وترى أن لهم تأثيرا في الحياة العملية