ولا يضطرب بل يستكين لراكبه ، فالأرض منقادة مطواعة بفضل ما هيأه فيها من وسائل المعاش التي تشمل جميع الضرورات والشروط التي تمنح الإنسان الإمكانات الكفيلة بتأمين الراحة والحصول على كل حاجاته ، والوصول إلى طموحاته المادية والمعنوية ، (فَامْشُوا فِي مَناكِبِها) أي في ظهورها ، لتبلغوا غاياتكم ، (وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) الذي وزعه في مواقعها بمختلف أشكاله وألوانه من الحيوان والنبات ، وتحركوا فيها كما يحلو لكم مستمتعين بنعم الله عليكم حتى تنتهي بكم الحياة إلى أجلها المحدّد لكم ، في ما أعطاكم الله من عمر محدود.
* * *
إلى الله النشور
(وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) حيث تبدأون حياة جديدة تنشرون فيها من القبور بعد موتكم ، وتواجهون الحساب ، وتعرفون ـ على هذا الأساس ـ أن وجودكم في الأرض يتحرك من بداية الوجود التي تنطلق من إرادة الله في خلقكم وتدبيره لحياتكم ، إلى النهاية التي تنفتح على العالم الآخر الذي تواجهون فيه نتائج المسؤولية.
(أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ) فيزلزلها بكم ، (فَإِذا هِيَ تَمُورُ) تماما كما هو الموج في تردده أو اضطرابه بين المجيء والذهاب ، ولعل المراد بمن في السماء الملائكة الموكلون ـ من قبل الله ـ بشؤون الأرض.
(أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) فيرمي عليكم الحصى والحجارة كما حدث لقوم لوط ، (فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) في ما يوجهه الله إليكم من الإنذار على كفركم وتمرّدكم على أوامره ونواهيه ، لتفكروا كيف يتحرك غضب الله وسخطه في سلوككم المنحرف ، بعد ما تستقبلونه من عذابه.
* * *