بأسباب الهدى ، (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ) له الضلالة من خلال اختياره للأخذ بأسبابه ، (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) له الهدى عند ما يختار لنفسه من أسباب الهدى إلى الله بالمعنى الذي لا يمنع من الاختيار ، لأن النسبة تنطلق من طبيعة القوانين التي جعلها الله للأشياء من خلال الرابط بين الأسباب ومسبباتها ، بما جعل فيه السبب بيد الإنسان واختياره.
* * *
ما يعلم جنود ربك إلّا هو
(وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) فهو الذي خلقهم بإرادته وبقدرته ، وجعلهم في عالم الغيب الذي لا يعرف الناس منه إلا ما عرفهم به من وحيه ، فليس لهم أن يطلقوا خيالاتهم ليصوروهم بما يثيره الخيال في أذهانهم من أوهام ليقيسوهم على أنفسهم ، بما يتصورونه لهم من قدرة معينة في حجم قدرتهم البشرية.
(وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ) فليس الهدف إلا إثارة حقائق الآخرة التي تتمثل النار في جنباتها كموقع لعذاب الكافرين والمشركين ، كما تنطلق الجنة في رحابها كموقع للنعيم والرضوان الذي يناله المؤمنون من رب العالمين ، مما لا مجال فيه للجدل ، بل الغاية كل الغاية فيه ، هي الذكرى التي تفتح العقل والقلب والروح على ذلك كله ، لينطلق الإنسان بعيدا عن أجواء الغفلة ، ليتقي الله في أمره وفي نهيه.
* * *