عددهم ، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا ، فوقف عليهم سائل فقال : السّلام عليكم أهل بيت محمد ، مسكين من مساكين المسلمين ، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة ، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلا الماء ، وأصبحوا صياما. فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم ، وقف عليهم يتيم فآثروه ، ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك.
فلما أصبحوا أخذ علي رضي الله عنه بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع ، قال : ما أشدّ ما يسوءني ما أرى بكم. وقام فانطلق معهم ، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها ، وغارت عيناها ، فساءه ذلك ، فنزل جبريل وقال : خذها يا محمد ، هنّاك الله في أهل بيتك ، فأقرأه السورة» (١).
هذا وقد أورد الرواية القمي في تفسيره بصيغة أخرى ، مرفوعة إلى أبيه عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كان عند فاطمة عليهالسلام شعير فجعلوه عصيدة (شعير يلتّ بالسمن ويطبخ) ، فلما أنضجوها ووضعوها بين أيديهم جاء مسكين فقال : مسكين رحمكم الله ، فقام علي عليهالسلام فأعطاه ثلثا ، فلم يلبث أن جاء يتيم فقال يتيم رحمكم الله فقام علي عليهالسلام ، فأعطاه الثلث ، ثم جاء أسير ، فقال : أسير رحمكم الله ، فأعطاه عليهالسلام الثلث وما ذاقوها ، فأنزل الله سبحانه الآيات فيهم ، وهي جارية في كل مؤمن فعل ذلك اللهعزوجل(٢).
وفي مطلق الأحوال ، إذا كانت هذه الآيات قد نزلت بهذه المناسبة ، فإنها في الوقت الذي تدل فيه على فضل أهل البيت عليهالسلام في تكريم الله لهم ،
__________________
(١) تفسير الكشاف : ج : ٤ ، ص : ١٩٧.
(٢) ذكرها صاحب الميزان نقلا عن تفسير القمي ، ج : ٢٠ ، ص : ١٤٦.