الأخلاقية العملية في الحياة.
(يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) ليؤكد فجوره الفكري المتمثل بالتشكيك بالآخرة بطريقة إثارة علامات الاستفهام حوله ، على سبيل إشاعة أجواء الشك بين الناس ، أو على سبيل السخرية والاستهزاء ، ولكن هل يستمر هذا الإنسان في هذا الجو المتمرّد المعاند ، العابث بالحقائق ، وهل يبقى له هذا الاسترخاء اللاهي العبثيّ؟
إن المفاجأة المرعبة المروّعة سوف تصدم كل كيانه ، وكل لهوه وعبثه.
(فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) وتحيّر وتقلّب وخطف ، كما هو البرق في تقلّبه وخطفه ، فلم يستقر على شيء ، (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) وذهب نوره ، (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) في فضاء واحد ، بعد أن كانا منفصلين ، واختلّ نظامهما المعهود ، وانتهي النظام الكوني في توازن الزمن على خط الليل والنهار ، عند ذلك يحيط الذعر بهذا الإنسان من كل جانب ، فهو يواجه الآن وضعا صعبا من أكثر الأوضاع خطورة ، لأنه لا يفهم شيئا مما يراه أو يحيط به ، ولذا كان السؤال الصعب الذي يلحّ على وجدانه ، في عملية هروب من هذا الواقع ، في ما يشبه الصراخ المذعور ، (يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) لأن الآفاق مغلقة أمامه ، فعوامل التغيير قد شملت الكون كله ، وليس هناك أفق مفتوح يمكن أن ينفذ إليه ليجد فيه سلامته ، (كَلَّا لا وَزَرَ) أي ليس هناك ملجأ. والوزر ما يتحصن به من جبل أو حصن أو كهف أو غيرها ، لأن الله الذي يملك الكون كله هو المحيط به من جميع الجهات ، فكيف يمكن أن يحصل هذا الإنسان على فرصة الفرار من الله لينجو من عقابه ، (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) فهناك نهاية المطاف الذي يقف فيه الإنسان ليواجه مصيره المحتوم الأخير ، فلن يتحرك من مكانه إلى مكان آخر ، لأن الرحلة إلى الله هي رحلة النهاية الأبديّة ، فلا موت بعدها ليغيب الإنسان في ظلماته ، ولا أفق آخر ليبتعد الإنسان عن واقعه إليه ، بل هو الاستقرار الذي