والانتقال ، وان كان جسما استحال أن يخرج من العين جسم يتصل بنصف كرة العالم مع صغر العين. أما الثاني فلانه يستحيل انطباع العظيم في الصغير.
والحق ما اخترناه نحن في كتاب «نهاية المرام» وهو أن الله تعالى جعل للنفس قوة ادراك المرئي (١) عند مقابلة الحدقة السليمة له مع حصول الشرائط العشرة ، وهي : سلامة الحاسة ، وكثافة المبصر ، وعدم البعد والقرب المفرطين ، والمقابلة أو حكمها ، ووقوع الضوء على المرئي ، وكونه غير مفرط ، وعدم الحجاب ، وتعمد الابصار (٢) ، وتوسط الشفاف. وعند اجتماع هذه الشرائط تجب الرؤية.
«والسماع» ـ وهو يحصل بتموج الهواء الصادر عن قلع أو قرع الى أن يصل ذلك التموج الى سطح الصماخ.
«والشم» ـ وهو يحصل بتكيف الهواء برائحة ذي الرائحة ووصوله الى الخيشوم.
«واللمس» ـ وهو أنفع الادراكات ، اذ باعتباره يحتفظ الحيوان مزاجه عن المنافي الخارج ، فانه لما كان مركبا من العناصر الاربعة كان حفظه ببقائها على الاعتدال وفساده بخروجها عنه ، فوهبه الله تعالى قوة سارية فيه أجمع هي اللمس ، يدرك بها ما ينافيه فيبعد عنه.
أما باقي القوى فانها جالبة للنفع ، ودفع الضرر أقدم من جلب النفع ، ولهذا كان اللمس أنفع الادراكات.
«والذوق» ـ وهو يحصل بانفعال الرطوبة اللعابية المتصلة باللسان بطعم ذي الطعم.
أقول : الادراك هو اطلاع الحيوان على الامور الخارجية بواسطة الحواس
__________________
(١) فى المطبوع من المتن : بالمرئى.
(٢) فى المطبوع من المتن : والتعمد للابصار.