وأما المتكلمون فيستدلون : بأن العالم محدث ، وكل محدث مفتقر الى المؤثر ، فالعالم مفتقر الى المؤثر ، وهي طريقة الخليل عليهالسلام وإليها أشير في الكتاب العزيز بقوله (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) (١) فالاول برهان لمي والثاني اني (٢).
وتقرير الاول أن نقول : هاهنا موجود بالضرورة ، فان كان واجبا ثبت المطلوب ، وان كان ممكنا أفتقر الى مؤثر ، لما تقدم من احتياج الممكن الى المؤثر ضرورة فان كان واجبا ثبت المطلوب ، وان كان ممكنا أفتقر الى مؤثر ، فان كان [هو] الاول لزم الدور ، وان كان غيره:
فان كان واجبا أو منتهيا إليه ثبت المطلوب ، وان (٣) كان ممكن آخر ننقل الكلام إليه وهكذا ، حتى يلزم اما الانتهاء الى الواجب أو التسلسل ، لكن الدور والتسلسل محالان ، فيلزم الانتهاء الى الواجب.
وفي قول المصنف «فان كان واجبا ثبت المطلوب والا لزم التسلسل» نظر ، لجواز أن يكون المؤثر ممكنا والمؤثر في ذلك الممكن واجبا ، وحينئذ لا يلزم التسلسل فالاولى أن يقال : فان كان واجبا أو منتهيا إليه ثبت المطلوب والا لزم التسلسل.
وهاهنا برهان بديع غير متوقف على اثبات الدور والتسلسل ، سمعناه من شيخنا دام شرفه ، وهو من مخترعات العلامة سلطان المحققين وارث الأنبياء والمرسلين نصير الملة والحق والدين علي بن محمد (٤) القاشي قدس الله سره
__________________
(١) سورة فصلت : ٥٣.
(٢) الإني استدلال بالمعلول على العلة ، واللم عكسه «منه».
(٣) فى «ن» والا.
(٤) وهو من أجلة متأخرى متكلمى أصحابنا وكبار فقهائهم ، وكان معروفا بدقة الطبع