واحتجاج النفاة بافتقار الابصار الى الشعاع والسماع الى وصول التموج. ضعيف ، لما تقدم ، ولان ذلك انما يصح في حقنا ، أما في حقه تعالى فلا.
أقول : اتفق المسلمون على وصفه بالادراك ، لورود ذلك في القرآن العزيز واختلفوا في تفسيره : فقال أبو الحسين البصري والكعبي : معناه علمه بالمدركات وقالت الاشاعرة وأكثر المعتزلة : أنه زائد على العلم.
احتج أبو الحسين على مذهبه : بأن الادراك في حقه تعالى اما أن يكون هو العلم أو الاحساس أو غيرهما ، والاخيران منفيان فتعين الاول ، وهو المطلوب أما بطلان الاحساس فظاهر ، لاستحالة الحواس عليه تعالى ، وأما كونه غير العلم والاحساس فلانه غير معقول ، فلا يصح الحكم به ، لان الحكم على الشيء أو به لا بد فيه من تصوره أولا ، لان اثبات ما ليس بمعقول جهالة.
وفيه نظر : لان قوله ان الثالث غير معقول ، اما أن يعني بعدم المعقولية استحالة اتصافه تعالى به ، كما يقال كون الجسم مجردا غير معقول ، فهو نفس المتنازع فيه ، فيكون مصادرا به على المطلوب. أو يعني أنه غير متعقل فنقول : لا يلزم من عدم تعقل الشيء نفيه ، فان عدم العلم بالشيء لا يوجب العلم بعدم ذلك الشيء.
واحتجت الاشاعرة ومن قال بالزيادة بوجهين :
الاول : أنه زائد على العلم في الشاهد ، فيكون كذلك في الغائب.
الثاني : أنه لو لم يكن موصوفا بالادراك لا تصف بضده وهو باطل ، لان ضده نقص ، والله تعالى منزه عن النقص. وبيان الاول أنه تعالى حي وكل حي يصح أن يدرك ، فلو لم يكن الباري تعالى مدركا لزم اتصافه بعدم الادراك.
والجواب عن الاول أن الزيادة في الشاهد مسلمة ، لكنها راجعة الى تأثير الحاسة ، والحاسة مستحيلة عليه تعالى ، فيستحيل ذلك الزائد. وعن الثاني بأنا