مخصوصة ، لتدل على المعاني التي يريد الله تعالى التعبير عنها.
وقالت الحنابلة : كلامه عبارة عن الحروف والاصوات المسموعة ، لكنه عندهم قديم.
وقالت الاشاعرة : ان كلامه تعالى معنى واحد قائم بذاته تعالى قديم ، ليس بأمر ولا نهي ولا خبر ولا استفهام ولا غير ذلك من أساليب الكلام (١) ، وليس بحرف ولا صوت ، تدل عليه العبارات. وسيأتي تمام كلامهم في هذا المقام.
واختار المصنف مذهب المعتزلة وهو الحق ، واستدل على ثبوت الكلام له تعالى بهذا المعنى بوجهين : عقلي ونقلي.
أما العقلي : فلان ايجاد حروف وأصوات في جسم من الاجسام أمر ممكن وكل ممكن فهو مقدور لله تعالى ، فثبوت الكلام بهذا المعنى مقدور لله. أما الصغرى فظاهرة ، وأما الكبرى فلما تقدم من كونه قادرا على الممكنات.
وأما النقلي فقوله تعالى : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) (٢) ولان كلامه مسموع ولا شيء من غير الحروف والاصوات بمسموع ، فلا شيء من غيرهما بكلام الله تعالى ، أما الصغرى فلقوله تعالى (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) ، (٣) ، وأما الكبرى فظاهرة.
لا يقال : استدللتم على ثبوت الكلام بالكلام فيلزم الدور ، بيانه : أن كون القرآن حجة يتوقف على كونه كلام الله ، وكونه كلام الله يتوقف على ثبوت كونه تعالى متكلما ، وقد أثبت كونه تعالى متكلما بالقرآن ، فيلزم الدور.
__________________
(١) كالاستخبار والنداء والقسم والطلب ، والعرض والتمنى والتعجب «منه».
(٢) سورة النساء : ١٦٤.
(٣) سورة التوبة : ٦.