لانا نجيب عنه : بأنا لا نسلم أن كون القرآن حجة يتوقف على كونه تعالى متكلما ، بل يتوقف على صدق الرسول (صلىاللهعليهوآله) وصدق الرسول يتوقف على المعجزة ، وهو أعم من القرآن ، لحصوله في غير القرآن من انشقاق القمر وغيره.
ثم نستدل على كونه تعالى متكلما بالقرآن ، لا من حيث أنه كلام الله تعالى بل من حيث هو اخبار الرسول الصادق في كلما أخبر به. أو يستدل بالقرآن على صدق الرسول ، لا من حيث أنه كلام الله تعالى ، بل من حيث اعجازه الحاصل في فصاحته وأسلوبه وتركيبه.
قوله «بالغوا» الخ. اعلم أن هذه المسألة من جملة المعارك العظيمة بين المعتزلة والاشاعرة ، وقد طول الفريقان في تقرير الكلام ، ونحن نذكر حاصل ما ذكره الاشاعرة وما أورد عليه المعتزلة فنقول :
ذهبت الاشاعرة الى أنه تعالى متكلم ، لدلالة العقل والنقل عليه ، وأن كلامه تعالى قائم بذاته ، وأنه واحد ليس بأمر ولا نهي ولا غير ذلك وأنه قديم.
والمعتزلة بالغوا في انكار جميع هذه المدعيات. فلنورد كلام الفريقين ملخصين له بأوجز عبارة وذلك في مسائل :
الاولى ـ قالت الاشاعرة : الباري تعالى حي ، وكل حي يصح أن يكون متكلما ، فلو لم يكن تعالى متكلما لكان موصوفا بضده ، وضده نقص ، تعالى الله عنه.
قالت المعتزلة : لا نسلم أن كل حي يصح أن يكون متكلما ، ولا نسلم أنه لو لم يكن موصوفا به لوصف بضده ، ولا نسلم أن ضده نقص ، وقد تقدم بيان ذلك كله في مسألة الادراك.