مما به الاشتراك ومما به الامتياز ، وكل مركب ممكن فيكونان ممكنين ، والفرض أنهما واجبان ، هذا خلف.
وفيه نظر : فان مفهوم واجب الوجود شيء ماله وجوب الوجود والوجوب أمر عدمي ، وما جزؤه عدمي فهو عدمي ، فلا يوجب الاشتراك فيه التركيب. ولان سلمنا أن الوجوب ثبوتي ، لكن الشيئية والوجوب من المعقولات الثانية (١) اللاحقة للمعقولات الاولى ، والاشتراك فيهما لا يوجب الاشتراك في الذوات ، كما أنه لا يلزم من اشتراك ممكنين في حمل هذا المعنى عليهما تركيبهما من هذا المفهوم ومن فصل آخر.
الثاني : دليل المتكلمين ، ويسمى «دليل التمانع» وهو لا يثبت الا وحدة الصانع القادر المريد ، ولهذا أخره عن اثبات الصفات المذكورة وتقريره : أنه لو كان في الوجود إلهان قادران عالمان مريدان ، فلا يخلو اما أن يمكن أن يريد أحدهما خلاف مراد الاخر أولا ، وكلاهما محال :
أما الثاني فلان كل واحد منهما قادر على كل المقدورات ، فأحدهما قادر على الفعل لو لا الاخر ، وكذلك الاخر قادر ، فاذا فرضنا توجه قصد كل واحد منهما الى أحد الضدين دفعة ، استحال أن يدفع أحدهما الاخر ، لان ليس أحد القصدين أولى بالتقدم من الاخر.
وأما الاول فلانه لو أمكن فلنفرض إرادة أحدهما ايجاد جسم متحركا في وقت بعينه ومكان بعينه ، وإرادة الاخر ايجاد ذلك الجسم بعينه ساكنا في ذلك الوقت وذلك المكان ، فاما أن يقع مرادهما ، أو لا يقع مرادهما ، أو يقع مراد أحدهما دون الاخر. ان كان الاول لزم اجتماع النقيضين ، وان كان الثاني قال : يلزم اجتماع النقيضين ، لقوله وكذا اذا انتفيا. والذي ينبغي أن يقال يلزم ارتفاع النقيضين ،
__________________
(١) المعقولات الثانية لا توجد الا في العقل «منه».