ويمكن توجيهه بوجهين :
الاول : أنه يلزم اجتماع النقيضين على تقدير انتفاء كل واحد منهما ، لانه اذا انتفى مراداهما أعنى الحركة والسكون ، ثبت نقيضاهما أعني سلب الحركة الذي هو السكون وسلب السكون الذي هو الحركة فالحركة والسكون متناقضان.
الثاني : أنه اذا انتفى مراداهما ، والفرض أن مراديهما متناقضان فقد اجتمع النقيضان في الانتفاء. وان كان الثالث لزم منه فسادان :
الاول : الترجيح من غير مرجح ، لان كل واحد منهما قادر عالم مريد.
الثاني : يلزم عجز من لم يقع مراده وهو محال ، لان كل واحد منهما قادر على ما لا يتناهى ، فلا أولوية في عجز أحدهما دون الاخر وأيضا العاجز لا يصلح للالهية.
وفي هذا الدليل نظر : لانا لا نسلم أنه يمكن تعلق إرادة أحدهما بخلاف ما تعلق به إرادة الاخر ، لانهما حكيمان فيمتنع عليهما المخالفة.
ان قلت : يجوز أن تكون المصلحة في الطرفين ، فأمكن حينئذ أن يتوجه كل واحد منهما الى طرف.
قلنا : المصلحتان اما أن يترجح أحدهما أولا ، فان ترجحت تعين ذلك الطرف للارادة ، فلم لا يجوز أن يكون علم أحدهما بإرادة الاخر اياه يصرفه عن ارادته. وان لم يترجح فلم قلتم يتحقق الداعي حتى يتحقق التمانع ، لا بد له من دليل.
الثالث : الادلة السمعية ، كقوله تعالى (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (١) و (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) (٢) الى غير ذلك من الآيات ، وهو حجة هنا لعدم توقف السمع على الوحدة ، وهو أقوى الادلة في هذا الباب.
__________________
(١) سورة الاخلاص : ١.
(٢) سورة النساء : ١٧١.