وبقوله «ولم يكن له حظ في التمكين» خرج القدرة والآلات التي يتمكن بها من ايقاع الفعل ، فان هذه كلها لها حظ في التمكين ، اذ بدونها لا يمكن ايقاع الفعل ، وأما اللطف فليس كذلك ، اذ وقوع الفعل الملطوف فيه بدونه ممكن ، لكن معه يكون الفعل [الى] الوقوع أقرب بعد امكانه الصرف. وزيد في تعريفه «ولا يبلغ الالجاء» اذ الالجاء ينافي التكليف ، فيكون اللطف أيضا منافيا له.
ثم ان اللطف ان كان من فعل الطاعة ، يسمى «توفيقا» ، وان كان في ترك المعصية ، يسمى «عصمة».
الثانية : هل هو واجب أم لا؟ ذهبت الاشاعرة الى أنه غير واجب ، بناء منهم على قاعدتهم من نفي الحكم العقلي. وذهبت المعتزلة والامامية الى أنه واجب ، وهو الحق.
واستدل [المصنف] على وجوبه بما تقريره : أنه لو لم يكن واجبا لهم لزم نقض الغرض ، واللازم باطل فالملزوم مثله.
بيان الملازمة : أنا بينا أنه تعالى مريد للطاعة وكاره للمعصية ، فاذا علم أن المكلف لا يختار الطاعة ، أو لا يترك المعصية ، أو لا يكون أقرب الى ذلك ، الّا عند فعل يفعله فيه (١) ، وذلك الفعل ليس فيه مشقة ولا غضاضة ، فانه يجب في حكمته أن يفعله ، اذ لو لم يفعله لكشف ذلك : اما عن عدم ارادته لذلك الفعل ، وهو باطل لما تقدم ، أو عن نقض غرضه اذا كان مريدا له ، لكن ثبت كونه مريدا له ، فيكون ناقضا لغرضه.
ويجرى ذلك في الشاهد مجرى من أراد حضور شخص الى وليمة ،
__________________
(١) فى «ن» : به.