من الرزق ، ولا يأمر بالحرام.
وعند الاشعرية : الرزق ما أكل فالحرام عندهم رزق ، ويجوز طلبه ، لان به يندفع الضرر ، ولقوله تعالى (فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) (١) وغير ذلك من الآيات.
أقول : الرزق عند أهل العدل هو ما صح أن ينتفع به ولم يكن لاحد منع المنتفع به منه ، وهو أعم من أن يكون مالا أو ولدا أو جاها أو علما أو حياة أو زوجة أو صاحبا ، ولهذا أتى في تعريفه بلفظة «ما» والمراد بالصحة نقيض الحظر ، وهو ما جاز عقلا وشرعا.
ولا يشترط فيه أن يكون ملكا ، فان البهيمة مرزوقة وليست مالكة (٢) ، والولد والعلم رزق ولا يقال أنه ملك. وقولنا «ولم يكن لاحد منع المنتفع به منه» ليخرج الطعام الموضوع للضيافة قبل استهلاكه بالمضغ ، فان للمالك منعه من قبل استهلاكه ، فليس برزق.
وعند الاشاعرة : الرزق ما أكل حلا كان أو حراما ، ويتفرع على القولين الحرام هل هو رزق أم لا؟ وهل يجوز أن يأكل الانسان رزق غيره؟ فعند الاشاعرة : أن الحرام رزق (٣) فلا يأكل الانسان رزق غيره. وعند أهل العدل أن الحرام ليس برزق ، وقد يأكل الانسان رزق غيره.
واستدلوا على أن الحرام ليس برزق بقوله تعالى (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ) (٤)
__________________
(١) سورة الجمعة : ١٠.
(٢) لان من شرط المالك أن يكون عاقلا أو في حكمه كالاطفال ، وفيه نظر «منه».
(٣) لو كان الحرام رزقا للزم أن يكون أموال الناس رزقا للعاصين ، ويلزم فيمن وطر زوجة غيره أن يكون ذلك رزقا له ، كما اذا وطى زوجة نفسه.
(٤) سورة المنافقين : ١٠.