وقال أبو القاسم البلخي : ان جنس القرآن غير مقدور.
وقال بعضهم : [ان] جهة اعجازه من حيث الاسلوب ، وعنوا بالاسلوب الفن والضرب.
وقال الجويني من الاشاعرة : ان معجزته فصاحته وأسلوبه معا ، لان كل واحد منهما غير متعذر على العرب ، لانه وجد في كلامهم ما هو كفصاحته [وليس] مثل أسلوبه ، وكلام مسيلمة كاسلوبه وليس كفصاحته ، وأما مجموعهما فغير مقدور للخلق ، فهو جهة اعجازه.
وبه قال كمال الدين ميثم ، الا أنه أضاف اشتماله على العلوم الشريفة ، فجهة اعجازه [عنده] ثلاثة : الاسلوب ، والفصاحة ، والاشتمال على العلوم الشريفة ، من علم التوحيد ، والسلوك الى الله تعالى ، وتهذيب الاخلاق. فان الفصاحة خاصة في كلام العرب قد وجدت ، والاسلوب وان أمكن عند التكلف لكن اجتماعه مع الفصاحة نادر ، لان تكلف الاسلوب يذهب بالفصاحة.
وأما العلوم الشريفة فلم يوجد في كلامهم لها عين ولا أثر الا ما يوجد في كلام قيس وأمثاله ممن وقف على الكتب الالهية نقلا عن غيره ، فالحاصل أن كلامهم قد يوجد فيه ما يناسب بعض القرآن في الفصاحة ، وهو في مناسبته له في الاسلوب أبعد ، وأما في العلوم المذكورة فأشد بعدا (١).
وقال الجبائيان وفخر الدين الرازي واختاره المصنف في المناهج : ان جهة اعجازه هو فصاحته البالغة ، ولهذا كانت العرب تستعظم فصاحته ، ولما أراد النابغة الاسلام لما سمع القرآن وعرف فصاحته ، قال له أبو جهل ، انه يحرم عليك الاطيبين. وأخبر الله تعالى بذلك عن الوليد بن المغيرة في قوله (فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ) (٢) الآية.
__________________
(١) قواعد المرام : ١٣٢ ـ ١٣٣ مع تغييرات في الالفاظ.
(٢) سورة المدثر : ٢٢.