لوروده في التوراة في أحكام منسوخة عندهم. وبيان الانقطاع لم ينقل لانقطاع تواترهم.
أقول : اليهود (لعنهم الله تعالى) لما قالوا باستحالة النسخ لشريعة موسى عليهالسلام ولم يحكموا بصحة نبوة عيسى و [نبوة] محمد عليهماالسلام ، فلذلك ذكر المصنف كلامهم والجواب عنه ، ولا بد من بيان النسخ أولا ، وبيان جوازه عقلا ونقلا ثانيا ، ثم نذكر ما احتجوا به على ابطاله والجواب عنه.
فنقول : النسخ لغة النقل والازالة واصطلاحا هو رفع حكم شرعي بحكم آخر شرعي متراخ عنه على وجه لو لا الثاني لبقي الاول. ومنع أكثر اليهود من جوازه ، فبعضهم منعه عقلا وسمعا ، وبعضهم أجازه عقلا ومنع منه سمعا.
والحق خلاف قولهم ، ويدل عليه عقلا : هو أن الاحكام [الشرعية] تابعة للمصالح ، والمصالح قد تختلف بحسب اختلاف الازمان والاشخاص ، بحيث يصير ما كان مصلحة في وقت مفسدة في آخر ، ففي وقت صيرورته مفسدة يجب أن يتغير الحكم المتعلق به حال مصلحته ، والا لزم من التكليف على تقدير صيرورته مفسدة فعل القبيح ، وهو محال عليه تعالى.
وأما نقلا فلوجوه : الاول : حيث ثبت نبوة محمد صلىاللهعليهوآله بالدليل السالف ، لزم القول بجواز النسخ ، والا لزم بطلان نبوته ، هذا خلف.
الثاني : أنه ورد في التوراة أن الله تعالى قال لآدم ولحواء : أحللت لكما كل ما دب على وجه الارض ، وكانت له نفس حبة. وجاء فيها أيضا أنه قال لنوح عليهالسلام : خذ معك من الحيوان الحلال كذا ومن الحرام كذا. فقد حرم الله على نوح ما كان حلالا لآدم وحواء ، وهو نسخ صريح ، فان كانت التوراة غير محرفة فهذا برهاني. والا فهذا الزامي.