بيان الملازمة : أن الواجبات العقلية عامة على كل من تحقق فيه وجه وجوبها ولما كان الامر بالمعروف هو الحمل عليه والنهي عن المنكر هو المنع منه ، فلو وجبا بالعقل لوجبا عليه تعالى ، فان فعلهما لزم ارتفاع المنكر ووقوع المعروف ، والوجدان بخلافه. وان لم يفعلهما كان الله تعالى مخلا بالواجب ، وهو باطل بما تقدم.
وانما يجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بشروط :
الاول : علم الامر والناهي بكون المعروف معروفا والمنكر منكرا.
الثاني : تجويز تأثير الامر والنهي.
الثالث : انتفاء المفسدة عليه وعلى غيره ممن لا يستحق.
ووجوبه على الكفاية ، لان الغرض تحصيل المعروف وارتفاع المنكر.
أقول : في هذا الفصل مباحث :
الاول : في تعريف الامر والنهي والمعروف والمنكر ، أما الامر فقد عرفه المصنف بأنه طلب الفعل بالقول على جهة الاستعلاء. فالطلب جنس شامل للامر والنهي.
قوله «طلب الفعل» خرج النهي ، فانه طلب الترك ، وقيده بالقول احترازا من طلب الفعل ، لانه كطلب الفعل بفعل واجب التأسي به ، لكن يرجع الى القول أيضا.
وقوله «على جهة الاستعلاء» ليخرج بذلك السؤال والالتماس ، فان الاول على جهة التسفل ، والثاني على جهة التساوى. واعتبر الاستعلاء كما هو رأي أبي الحسين [البصري] ، ولم يعتبر العلو كما هو رأي أكثر المعتزلة ، ليدخل قول فرعون (فَما ذا تَأْمُرُونَ) (١) فانه أطلق الامر على طلبهم الفعل منه ، مع أنه
__________________
(١) سورة الاعراف : ١١٠ وسورة الشعراء : ٣٥.