أقول : اختلف الناس في أن الشيء اذا عدم عدما محضا بحيث لم يبق له هوية في الخارج أصلا هل يمكن اعادته بعينه مع جميع عوارضه ومشخصاته التي كان بها شخصا معينا أم لا؟
فذهب مشايخ المعتزلة القائلون بثبوت المعدوم الى أن ذلك ممكن ، بناء منهم على أن ماهيته ثابتة حالة العدم ، فاذا وجد حصل له صفة الوجود ، فاذا عدم مرة أخرى لم تبطل ذاته المخصوصة ، وانما زالت عنه صفة الوجود لا غير ، وذاته باقية له في الحالين.
وقالت الاشاعرة : بعدمه ، لانه قد بطلت ذاته وصار نفيا محضا ، لكنه يمكن اعادته بعينه لما يأتي من دليلهم.
وقالت الحكماء والمحققون من المتكلمين كأبي الحسين البصري ومحمود الخوارزمي وغيرهما : بامتناع اعادته بعينه ، واختاره المحقق الطوسي والمصنف واستدلوا بوجوه :
الاول : أن ما عدم فقد انتفت هويته ، بحيث لم يبق له ما [يمكن أن] يشار إليه ويحكم عليه بصحة العود ، وتحقق ماهية الشيء شرط في امكان الحكم عليه وصحة الاشارة إليه.
وفيه نظر : فان الحكم عليه بامتناع العود حكم عليه ، فيلزم التناقض.
الثاني : أنه لو صح اعادة المعدوم لزم اجتماع المتقابلين ، واللازم باطل فالملزوم مثله بيان الملازمة : أنه لو أعيد لا عيد مع جميع مشخصاته وعوارضه التي من جملتها زمانه الذي كان عليه قبل العدم ، ولو كان كذلك لكان مبتدأ بذلك الاعتبار ومعادا باعتبار آخر ، وهو وجوده بعد اعادته ثانيا ، فيكون مبتدأ معادا [معا] فيلزم الجمع بين المتقابلين ، وهو محال بالضرورة.
وفيه نظر : فانه انما يكون مبتدأ لو وجد مع الوقت في ذلك الوقت ، وذلك محال.