الثالث : أنه لو أعيد لما حصل امتيازه عن مثله ، واللازم باطل لان عدم الامتياز بين الاثنين محال ، فالملزوم وهو اعادته بعينه محال أيضا وهو المطلوب.
بيان الملازمة : أنا اذا فرضنا سوادين أحدهما معادا والاخر مبتدأ ووجدا معا ، لم يقع بينهما فرق في الماهية ولا المحل ولا غير ذلك من المميزات ، إلا كون أحدهما كان موجودا ثم عدم والاخر لم يسبق عدمه وجوده ، لكن هذا الفرق باطل ، لامتناع تحقق الماهية في العدم ، فلا يمكن الحكم عليها بانها هي حالة للعدم.
وفيه نظر : فان التمييز في الخارج لا يستدعي التميز عندنا ، والتميز الخارجي في نفس الامر حاصل ، وهو كاف في تحقق الاثنينية.
احتجت الاشاعرة على امكان اعادته : بأنه لو لا ذلك لزم انقلاب الحقيقة وهو محال ، وبيان اللزوم (١) : أن ماهيته قبل العدم قابلة للوجود والعدم ، لاتصافها بالوجود تارة وبالعدم أخرى ، فيجب أن يكون كذلك بعدم العدم ، والا لزم انتقاله (٢) من الامكان الذاتي الى الامتناع الذاتي ، وهو انقلاب الحقيقة.
وفي هذا [أيضا] نظر : وذلك لان الحكم بامتناع وجوده انما هو حكم بامتناع الوجود المقيد بكونه بعد العدم ، وليس ذلك الامتناع للذات ولا لامر عارض يفارقها ، بل ذلك لامر لازم للذات ، وهو كونه بعد العدم ، ولا يلزم من ذلك انتقالها من الامكان الى الامتناع.
قال المصنف (رحمهالله): وقد بحثنا عن كلام الفريقين في كتاب النهاية ونحن لم يتفق لنا الوقوف على ذلك الكتاب ، لكنا ذكرنا على أدلة الفريقين ما اتفق لنا العثور عليه من فوائده في غير ذلك الكتاب. ثم انه (رحمهالله وجزاه
__________________
(١) فى «ن» : الملازمة.
(٢) فى «ن» : انقلابه.