والثواب هو : النفع المستحق المقارن للتعظيم والاجلال. فبقيد «الاستحقاق» خرج التفضل ، وبقيد «اقتران التعظيم» خرج العوض.
والعقاب هو : الضرر المستحق المقارن للاستخفاف والاهانة. فبقيد «الاستحقاق» خرج الآلام الغير المستحقة كالمبتدإ بها ، وبقيد «مقارنة الاستخفاف» خرج به ضرر مستحق لا يقارنه ذلك كالقصاص.
اذا تقرر هذا فاعلم أن في هذا البحث مسألتين :
الاولى : أن الثواب هل علة استحقاقه صدور الطاعة من العبد أم لا؟ فقالت المعتزلة الا البلخي : نعم ، وهو مذهب أصحابنا الامامية. وقالت الاشاعرة والبلخي : لا ، بل ذلك فضل منه تعالى يتفضل به على عباده ، ان شاء فعله وان شاء تركه.
احتج أصحابنا والمعتزلة : بأن التكليف مشقة وكل مشقة لا عوض في مقابلتها تكون قبيحة غير جائزة من الحكيم ، ينتج : أن التكليف من غير عوض قبيح غير جائز من الحكيم ، والمقدمتان ضروريتان.
ثم ذلك العوض اما أن يمكن الابتداء به أولا ، فان كان الاول كان توسط التكليف عبثا ، والعبث قبيح غير جائز من الحكيم ، وان كان الثاني فهو المطلوب.
والنفع الذي لا يجوز الابتداء به هو الثواب والطاعة في استحقاق الثواب وانما قلنا أن الثواب لا يجوز الابتداء به لاشتماله على التعظيم ، والتعظيم لمن لا يستحق قبيح ، فان العقلاء يذمون من تعظيم الصبيان كتعظيم المشايخ ويسفهونه وذلك دليل على قبحه وأيضا فالنقل دل على ذلك كقوله (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١) وأمثاله.
__________________
(١) سورة الواقعة : ٢٤.