احتجت الاشاعرة بوجهين :
الاول : أن الحكم باستحقاق الثواب على الله يستدعي حاكما ، ولا حاكم عليه تعالى ، بل هو الحاكم على كل من عداه ، واذا كان هو الحاكم فالحكم مستفاد منه فيكون شرعيا ، وهو المطلوب.
الثاني : أنه لو كانت الطاعة علة في استحقاق الثواب لزم اجتماع الضدين واللازم باطل فالملزوم مثله. بيان الملازمة : أن المرتد يستحق الثواب بايمانه السابق والعقاب بكفره اللاحق ، ولا يجوز [خلوه] من عقاب الكفر للاجماع عليه ، فان وصل إليه ثواب ايمانه لزم اجتماع الضدين وهو محال ، وان لم يوصل لزم الاحباط وهو باطل كما يجيء ، أو خلو الطاعة عن الثواب وهو المطلوب.
احتج البلخي : بأن الطاعة واجبة على العبد ولا شيء من الواجب يستحق عليه ثواب ، ينتج : لا شيء من الطاعة يستحق عليه ثواب وهو المطلوب ، وأما الكبرى فظاهرة ، لان المؤدي لما وجب عليه لا يستحق به (١) عوضا ، والا لاستحق المديون باداء دينه عوضا على المدين ، وهو باطل ، وأما الصغرى فلان الطاعة شكر وكل شكر واجب ، أما الكبرى فضرورية.
وأما الصغرى فلان نعم الله تعالى هي أحد النعم ظاهرة على العبد من الايجاد والانذار (٢) والحواس الظاهرة والباطنة وغير ذلك ، وهي أكثر من أن تحصى لقوله تعالى (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) (٣) فيجب أن يكون الشكر عليها أبلغ الشكر ، وأعظم مراتب الشكر هو الخضوع والتذلل للمشكور ، وذلك هو
__________________
(١) فى «ن» : عليه.
(٢) فى «ن» : الاقدار.
(٣) سورة ابراهيم : ٣٤.