بين حاصرين ، وهو باطل بالضرورة.
أقول : الاجسام هل هي متناهية (١)؟ بمعنى أنها تنتهي الى حد لا يكون وراه جسم ، أو غير متناهية؟ بمعنى أن [يكون] كل جسم وراه جسم وهكذا الى غير النهاية. فذهب حكماء الهند وبعض الاوائل الى الثاني ، وذهب المحققون [من الحكماء] وغيرهم الى الاول.
واستدل المصنف عليه ببرهان ذكره الشيخ في الاشارات وغيره من الحكماء ، وهو يقرر بعدة أوجه :
أحدها : ما ذكره المصنف وهو : أنه لو لم تكن الاجسام متناهية لكانت غير متناهية(٢) ، وحينئذ يمكننا اخراج خطين من مركز الارض كساقي مثلث مارين الى غير النهاية ، فلهما بعدان طولانيان ، وبينهما بعد عرضاني حينئذ.
ولا شك أن زيادة البعد العرضاني بحسب تزايد البعد الطولاني ، والبعد الطولاني غير متناه ، فيكون البعد العرضاني غير متناه ، وهو محصور بين حاصرين ،
__________________
(١) مسئلة تناهى الاجسام راجعة الى تناهى أبعادها ، وأدلة تلك المسألة ان تمت ، كما يجرى فى البعد الملائى الجسم ، تجرى أيضا فى البعد الخلائى ، الا أنه لما كان البعد المتحقق بلا خلاف هو الجسم دون الخلاء ، خصصوا تناهيته بالاثبات ، وبما ذكرنا أظهره أن تناهى الابعاد لا يتوقف على امتناع الخلاء.
(٢) هذا البرهان مسمى ب «السلمى» ، وحاصله أنه لو كانت الابعاد غير متناهية لزم امكان انحصار الغير المتناهى بين حاصرين ، أي لزم امكان تناهى الغير المتناهى ، وهو محال بالبديهة.
وأصل هذا الدليل مورد عن القدماء ، والا ان المتأخرين منهم الشيخ فى الاشارات غيروه بتتميمات وتقريرات ، وهذا التقرير الاول الّذي ذكره المصنف هاهنا منقول عن الحكماء فى الشفاء لا فى الاشارات ، مراد الشيخ بعد ما ذكر التقرير المذكور فى الشفاء وأورد عليه أراد ذكر الدليل فى الاشارات بتقرير آخر مرضى عنده بالتتميمات.