التداخل ، وان لم يبق على حاله بل ينتقل عنه ، فاما أن ينتقل الى مكان الاول أو الى غيره.
فان كان الاول لزم الدور ، لان حركة كل واحد منهما متوقفة على حركة الاخر ، وان كان الى مكان آخر ، فننقل الكلام الى ذلك المكان ونقول فيه كما قلنا في الاول ، فيلزم اما التداخل أو الدور ، وهما محالان ، فيلزم الانتقال الى مكان رابع ، ونقول فيه كما قلنا في سابقه ، فيلزم حركة العالم عند حركة البقة.
واعتذر الخصم عن الوجهين : أما الاول : فقالوا : لا نسلم أن السطح العالي يرتفع بدون [السطح] السافل ، بل يرتفعان معا ، فان السطحين اذا تلاقيا ملاقاة تامة كما ذكرتم ، لزم من انجذاب أحدهما انجذاب الاخر ، كالهواء الجاذب للماء بالمص.
وأما الثاني : فقالوا : انما لزم (١) ما ذكرتم من التداخل أو الدور على تقدير عدم (٢) التخلخل والتكاثف. والتخلخل هو زيادة مقدار الجسم من غير انتقاش ولا انضمام شيء إليه. والتكاثف هو نقصان مقدار الجسم من غير اندماج ولا نقصان شيء منه ، ولكنهما جائزان على الاجسام الرقيقة ، واذا كان كذلك فنقول : ان الهواء الذي بين المتحرك [يتكاثف] وما إليه الحركة يتكاثف ، والذي بينه وبين ما منه الحركة يتخلخل ، فلا يلزم الخلاء فيما منه الحركة ، ولا التداخل فيما إليه الحركة.
واعلم أن هذا العذر مبني على ثبوت المادة المبني على عدم الجزء الذي لا يتجزى ، وعلى كل تقدير ثبوته لا يتم الا بهذا الاعتذار.
__________________
(١) فى «ن» : يلزم.
(٢) فى «ن» : عدم تقرير.